كتب فى وصيته عبدالله يرث ، عبدالله لا يرث ، عبدالله يرث فتحير الناس......

(عبدالله يرث ، عبدالله لا يرث ، عبدالله يرث) !
.
.
.
.
.
.
.


يحكى أنه كانت هناك قبيلة تعرف باسم بني عرافه ؛ وسميت بذلك نسبة إلى إن أفراد هذه القبيلة يتميزون بالمعرفة والعلم والذكاء الحاد !
وبرز من هذه القبيلة رجل كبير حكيم يشع من وجهه العلم والنور ، وكان لدى
هذا الشيخ ثلاثة أبناء سماهم جميعا بنفس الاسم ألا وهو (عبدالله) ؛ وذلك
لحكمة لا يعرفها سوى الله ومن ثم هذا الرجل الحكيم .

ومرت الأيام وجاء أجل هذا الشيخ وتوفي ، وكان هذا الشيخ قد كتب وصية لأبنائه يقول فيها :


(عبدالله يرث ، عبدالله لا يرث ، عبدالله يرث) !


وبعد أن قرأ الأخوة وصية والدهم وقعوا في حيرة من أمرهم لأنهم لم يعرفوا من هو الذي لا يرث منهم !


ثم أنهم بعد المشورة والسؤال قيل لهم أن يذهبوا إلى قاضي عرف عنه الذكاء
والحكمة ، وكان هذا القاضي يعيش في قرية بعيدة ... فقرروا أن يذهبوا إليه ،
وفي الطريق وجدوا رجلا يبحث عن شي ما ، فقال لهم الرجل : هل رأيتم جملا ؟

فقال عبدالله الأول : هل هو أعور ؟ فقال الرجل نعم .


فقال عبدالله الثاني : هل هو أقطب الذيل ؟ فقال الرجل نعم .


فقال عبدالله الثالث : هل هو أعرج ؟ فقال الرجل نعم .

فظن الرجل أنهم رأوه ؛ لأنهم وصفوا الجمل وصفا دقيقا . ففرح وقال : هل رأيتموه ؟ فقالوا : لا .. لم نره !


فتفاجأ الرجل كيف لم يروه وقد وصفوه له ! فقال لهم الرجل أنتم سرقتموه ؛ وإلا كيف عرفتم أوصافه ؟


فقالوا : لا والله لم نسرقه . فقال الرجل : سأشتكيكم للقاضي ، فقالوا نحن ذاهبون إليه فتعال معنا .

فذهبوا جميعا للقاضي وعندما وصلوا إلى القاضي وشرح كل منهم قضيته ، قال
لهم : اذهبوا الآن وارتاحوا فأنتم تعبون من السفر الطويل ، وأمر القاضي
خادمه أن تقدم لهم وليمة غداء ، وأمر خادما آخر بمراقبتهم أثناء تناول
الغداء ..


وفي أثناء الغداء قال عبدالله الأول : إن المرأة
التي أعدت الغداء حامل . وقال عبدالله الثاني : إن هذا اللحم الذي نتناوله
لحم كلب وليس لحم ماعز . وقال عبدالله الثالث : إن القاضي ابن زنا ..

وكان الخادم الذي كلف بالمراقبة قد سمع كل شي من العبادلة الثلاثة . وفي
اليوم الثاني سأل القاضي الخادم عن الذي حدث أثناء مراقبته للعبادلة وصاحب
الجمل ، فقال الخادم : إن أحدهم قال أن المرأة التي أعدت الغداء حامل !
فذهب القاضي لتك المرأة وسألها عما إذا كانت حاملا أم لا ، وبعد إنكار طويل
من المرأة وأصرار من القاضي ؛ اعترفت المرأة أنها حامل ، فتفاجأ القاضي
كيف عرفوا أنها حامل وهم لم يروها أبدا ! ثم رجع القاضي إلى الخادم وقال :
ماذا قال الأخر ؟ فقال الخادم الثاني : قال أن اللحم الذي أكلوه على الغداء
كان لحم كلب وليس لحم ماعز . فذهب القاضي إلى الرجل الذي كلف بالذبح فقال
له : ما الذي ذبحته بالأمس ؟ فقال الذابح أنه ذبح ماعزا ، ولكن القاضي عرف
أن الجزار كان يكذب ؛ فأصر عليه أن يقول الحقيقة إلى أن اعترف الجزار بأنه
ذبح قلبا لأنه لم يجد ما يذبحه من أغنام أو ما شابه . فاستغرب القاضي كيف
عرف العبادلة أن اللحم الذي أكلوه كان لحم كلب وهم لم يروا الذبيحة إلا على
الغداء ! وبعد ذلك رجع القاضي إلى الخادم وفي رأسه تدور عدة تساؤلات ،
فسأله إن كان العبادلة قد قالوا شيئا آخر . فقال الخادم : لا لم يقولوا
شيئا . فشك القاضي في الخادم ؛ لأنه رأى على الخادم علامات الارتباك ! وقد
بدت واضحة المعالم على وجه الخادم ؛ فأصر القاضي على الخادم أن يقول
الحقيقة ، وبعد عناد طويل من قبل الخادم قال الخادم للقاضي : أن عبدالله
الثالث قال أنك ابن زنا فانهار القاضي ! وبعد تفكير طويل قرر أن يذهب إلى
أمه ليسألها عن والده الحقيقي .... في بداية الأمر تفاجأت الأم من سؤال
ابنها وأجابته وهي تخفي الحقيقة ، وقالت أنت ابني ، وأبوك هو الذي تحمل
اسمه الآن . إلا أن القاضي كان شديد الذكاء ؛ فشك في قول أمه وكرر لها
السؤال .. إلا أن الأم لم تغير أجابتها ، وبعد بكاء طويل من الط رفين ،
وإصرار أكبر من القاضي ؛ في سبيل معرفة الحقيقة خضعت الأم لرغبات ابنها
وقالت له أنه ابن رجل آخر كان قد زنا بها ؛ فأصيب القاضي بصدمة عنيفة كيف
يكون ابن زنا ، وكيف لم يعرف بذلك من قبل ! والسؤال الأصعب كيف عرف
العبادلة بذلك !


وبعد ذلك جمع القاضي العبادلة الثلاثة وصاحب
الجمل لينظر في قضية الجمل وفي قضية الوصية ؛ فسأل القاضي عبدالله الأول :
كيف عرفت أن الجمل أعور ؟ فقال عبدالله : لأن الجمل الأعور غالبا يأكل من
جانب العين التي يرى بها ولا يأكل الأكل الذي وضع له في الجانب الذي لا
يراه ، وأنا قد رأيت في المكان الذي ضاع فيه الجمل آثار مكان أكل الجمل ؛
واستنتجت أنه الجمل كان أعورا . وبعد ذلك سأل القاضي عبدالله الثاني قائلا :
كيف عرفت أن الجمل كان أقطب الذيل ؟ فقال عبدالله الثاني : إن من عادة
الجمل السليم أن يحرك ذيله يمينا وشمالا أثناء إخر اجه لفضلاته ؛ وينتج من
ذلك أن البعر يكون مفتتا في الأرض ، إلا أني لم أر ذلك في المكان الذي ضاع
فيه الجمل ، بل على العكس رأيت البعر من غير أن ينثر ؛ فاستنتجت أن الجمل
كان أقطب الذيل ! وأخيرا سأل القاضي عبدالله الأخير قائلا : كيف عرفت أن
الجمل كان أعرجا ؟ فقال عبدالله الثالث : رأيت ذلك من آثار خف الجمل على
الأرض ؛ فاستنتجت أن الجمل كان أعرجا .

وبعد أن استمع القاضي
للعبادلة اقتنع بما قالوه ، وقال لصاحب الجمل أن ينصرف بعدما عرفوا حقيقة
الأمر . وبعد رحيل صاحب الجمل قال القاضي للعبادلة : كيف عرفتم أن المرأة
التي أعدت لكم الطعام كانت حاملا ؟ فقال عبدالله الأول : لأن الخبز الذي
قدم على الغداء كان سميكا من جانب ورفيعا من الجانب الآخر ، وذلك لا يحدث
إلا إذا كان هناك ما يعيق المرأة من الوصول إليه ، كالبطن الكبير نتيجة
للحمل ، ومن خلال ذلك عرفت أن المرأة كانت حاملا ! وبعد ذلك سأل القاضي
عبدالله الثاني قائلا : كيف عرفت أن اللحم الذي أكلتموه كان لحم قلب ؟ فقال
عبدالله : إن لحم الغنم والماع ز والجمل والبقر جميعها تكون حسب الترتيب
التالي (عظم - لحم - شحم) إلا القلب فيكون حسب الترتيب التالي (عظم- شحم –
لحم ) ؛ لذلك عرفت أنه لحم قلب. ثم جاء دور عبدالله الثالث وكان القاضي
ينتظر هذه اللحظة ، فقال القاضي : كيف عرفت أني ابن زنا ؟ فقال عبدالله :
لأنك أرسلت شخصا يتجسس علينا ، وفي العادة تكون هذه الصفة في الأشخاص الذين
ولدوا بالزنا .
فقال القاضي : لا يعرف ابن الزنا إلا ابن الزنا
وبعدها ردد قائلا : أنت هو الشخص الذي لا يرث من بين أخوتك لأنك ابن زنا!