اطعم الحلال
3 وقت القراءة
صنف من الناس متى ما استقر في يده راتبه؛ انقضى بسرعة فائقة...وربما لا يكمل معه أسبوعا واحدا... لماذا؟
أعرف شخصية كما يعرفها غيري...في إحدى الدوائر الحكومية...إذا جئته لطلب معاملة؛ قام لك وحياك وسلَّم عليك...وهشَّ وبشَّ في وجهك...ودعا لك...ثم أخذ معاملتك وأنجزها في الحال...وإن كانت تحتاج إلى مشورة قدَّمها لك...فلا ينتظر منك طلبها لأنك ربما لا تعرف الأنظمة وتعالميها...فلن تخرج من عنده وإن كثر المراجعون إلا بتحقيق استكمال طلبك...وإن كانت تحتاج إلى إجراءات ليس له يد فيها أرشدك إلى من يخدمك وينجز معاملتك عند غيره...ولو استدعى الأمر أن يشفع أو يتحدث إلى الأطراف الأخرى ليُحقق معاملتك بنجاح لفعل...ثم بعد ذلك يسلم لك معاملتك بابتسامة مع الدعاء المتكرر لك بالتوفيق والنجاح...
هذه شخصية موجودة ولو أنه ربما يتضايق لذكرت اسمه...ولكن له منا الدعاء بأن الله يحفظه ويسدده ويجعله مباركا حيث كان ويصلح له ذريته ويغفر له ولوالديه ويجعل الفردوس الأعلى مقرهم. آمين.
صنف من الناس متى ما استقر في يده راتبه؛ انقضى بسرعة فائقة...وربما لا يكمل معه أسبوعا واحدا...
أقول: لعلك أخي الغالي والحبيب أن تراجع نفسك فلربما كنت قد قصَّرت في عملك...أخرت معاملات المراجعين...وأضعت حقوقهم...وأتعبت أقدامهم ذهابا وجيئة إلى مكتبك...أو تأخرت عن الدوام بلا استئذان...وخرجت كذلك...أخذت انتدابا إلى المنطقة الفلانية ولم تذهب لها، واستلمت المبلغ مقابل ذلك...فهنا أنت تأكل سحتا وحراما...عليك التوبة وإرجاع ما أخذته من دون حق إلى دائرتك أو بيت مال المسلمين...ثم اصدق مع الله في التوبة..
أو يكون الموظف عمله حراما كمن يشتغل في بنوك الربا المحرمة...أو يبع ما هو حرام في محله كالدخان أو الجرائد والمجلات التي تحارب الله ورسوله وتحمل الفتنة للمسلمين...هنا يصحح من حاله...ويرجع إلى الله وكما قال الله عز وجل ﭽ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮡ ﭼ الأعراف:
وقد يتعدى آثار الحرام على حياة الإنسان إلى أولاده وأهله...فقد جاء عن الحبيب (صلى الله عليه وآله وسلم)
(...يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، إِنَّهُ لا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ)[1]
وقد يُحرم استجابة الدعاء، فقد جاء عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله: (صلى الله عليه وآله وسلم) أيها الناس إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيِّبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ واعْمَلُوا صَالِحًا إَنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيْمٌ}وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُم } ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام، فأنَّى يُستَجَاب لذلك) ([2])
ولا تكن مثل ذاك الرجل الذي عُرض عليه مليون ريال...فسال لُعَابه للرقم العظيم...ونسي أنه رِبا صريح...فتساهل في أخذه...وعدَّه غنيمة باردة ربما لا تتكرر...فماذا كانت النتيجة؟ يُمرض الولد...فيُذهب به ليعالج...ومن مُستشفى إلى آخر...ومن دولة إلى أخرى وينقضي المليون...وليت الابن تعافى ولكن بقي المرض وذهب المال.
وسأذكر لك قصة؛ وملخصها( أن الشيخ ناصر العمر وبعض الناس من أهل المدينة لفت انتباههم رجل له ثلاثة عشر ابنا، كلهم صالحون...المدرس وطالب العلم والدكتور، فقالوا: إن وراء ذلك سرا...فسألوا...فتبيَّن لهم أن هذا الرجل بدأ حياته بطلب العيش وكانت مهنته نقل البطحاء عبر سيارة النقل الكبيرة، وكان من عادته أنه إذا وضع التراب أو البطحاء التي سينقلها لمن طلبها فوق السيارة...أخذ يتلَمَّسُها بيده ويُضيف عليها ويضرب بيده حتى يشعر أن قالب السيارة امتلأ ولم يعد يقبل أيّ شيء...بعد ذلك يضع عليها شراعاً متيناً وافياً، ليس به شُقوق، ثم يلفُّه على النقلة ويسترها ويحميها من أن يتساقط منها شيء أثناء الطريق...وكانت هذه عادته.
وقد أشاروا على أبيهم أن يكفي هذا التعب فالأمور أحسن بكثير ولم يعد بحاجة لمثل هذا العمل، وأن يغيِّر هذا البيت المتواضع الذي مازال يعيش فيه...فكان ردُّه: هذا العمل وهذا الرزق لن أتخلى عنه حتى يتوفاني الله...)([3])
همسة:
احرص ألا يدخل إلى جوفك وجوف زوجك وأبنائك إلا حلال طيب مبارك فيه؛ لتحلَّ البركة والسعادة والخير والنجاح في حياتك.