أشرق كالــشمس - كريم الشاذلى
3 وقت القراءة
هناك جملة من الأشياء التي تلتبس على المسلم في حياته نظرا لتشوش رؤيتنا لها وعدم التأمل في مغزاها وقوتها في تنمية الشخصية وأهميتها في توضيح المبدأ والقيمة التي نحملها .
أحد أهم هذه الأشياء هو تزكية النفس ، وإبراز محاسنها ، وتسويق خصالها المبدعة الفريدة .
إننا نؤمن امتثالا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، أن التواضع هو سمة من سمات الصالحين وأن ( من تواضع لله رفعه ) وهذا شيء لا جدال فيه ، ففضلا عن كونه أمر نبوي فإنه كذلك مطلب روحي وعقلاني لا يختلف عليه أي عاقل محب لانسانيته ويقدر قيمة الانسان في الحياة .. ولكن .
هل معنى هذا ألا يقف المرء في أوقات تتطلب أن يعدد نقاط قوته وأفعاله الحسنة وحجته أن التواضع مطلوب .
دعوني أوضح الأمر أكثر ..
اليوم في سوق العمل وفي ظل المنافسة الشرسة يظهر جليا الشخص المبدع الذي يتقن إبراز إبداعه وتفوقه ، ويختفي من على الساحة الفقراء والبسطاء والأشخاص الأقل احترافية في تسويق أنفسهم مهما كانوا نابغين أو متميزين .
تعالوا لنتأمل شيء أعمق وأكثر وضوحا ، بالرغم من كون الاسلام أحد أعظم المناهج الأخلاقية على وجه الارض إلا أننا دائما متهمين بالارهاب والعصبية وضيق الافق وعدم قبول الاخر ، وأننا نعشق العنف والدم ونتلهى في أوقات فراغنا بتعذيب من يخالفنا المعتقد والدين .. فهل هذا كلام حقيقي .
أترك لك الاجابة .. وأطرح سؤال آخر ..
بالرغم من كون اليهود أقل عددا ، يفتقرون إلى منهج قويم محترم يطرحوه للعالم ، الخلفية المتعلقة بهم في الأذهان أنهم بخلاء طماعين يفقأون عينك إذا لم ترجع لأحدهم فوائد المال الذي أقرضك إياه ، ولعل من قرأ رائعة شكسبير تاجر البندقية يدرك ما أقول . وبالرغم من ذلك استطاعت هذه القلة المكروهة أن تسوق جيدا لثقافة الهولوكست وتروج لنغمة الاضطهاد ، وتخلق مفهوما يخصها وهو السامية .
فكيف نجح اليهود في هذا .. أترك لك الإجابة ..
ثم أتساءل ثالثة ..
هل من الحكمة أن ندفن كنوزنا الحقيقية في باطن الأرض في الوقت الذي يبيعنا فيه الآخر بضاعته الركيكة على أنها ذهب خالص بالرغم من كون بريقها لا يتعدى القشرة الخارجية ؟؟ .
إننا يا أصدقائي بحاجة إلى أنتقن فن تسويق ( النفس و الدين والقيمة والخلق ) .
التقيت ذات يوم بالمفكر البريطاني ( دواوود بيدكوك ) رئيس المركز الاسلامي البريطاني ، وهو أول مركز إسلامي يؤسس في بريطانيا على خلفية رواية سلمان رشدي ( آيات شيطانية ) ، قال لي وقتها عندما سألته لماذا يتحمس دائما من يدخل الاسلام لخدمة الدين عن المرء الذي ولد مسلما أبا عن جد ، فقال لي : لآننا نأتي من هناك حيث العدم ، فنرى إلى أي مدى بلغت عظمة هذا الدين ، ونرى كذلك الخيبة التي تتملك المسلم في التسويق لبضاعته من القيم والاخلاق والمبادئ والحسن من السلوك والأفكار ، وقال لي بالحرف ( يا صديقي أنتم أفشل مندوبي مبيعات لبضاعة رائجة مطلوبة ) .
إننا مطالبون يا صديقي أن نُظهر روعة ما نملك ونخرجه للناس ، إن اللؤلوة تظل شيئا ليس ذو قيمة طالما مخبئة في محارة في عمق البحر ، ولا تظهر قيمتها إلا في عنق امرأة وهي تلمع في سحر يخطف الألباب .
هل تتفق معي في هذا يا صديقي ..؟
إذن .. اشرق كالشمس .. كن لؤلوة تخطف الألباب .. غازل العيون والأفهام وتألق في عنق هذا الكون
من مدونة كريم الشاذلى
"اكتب بقلم رصاص احتراما لممحاة الراى الاخر
بالفيديو