لاتستصغر نفسك
يُحكى عن المفكر الفرنسي (سان سيمون) ، أنه علم خادمه أن يوقظه كل صباح في فراشه وهو يقول (إنهض سيدي الكونت .. فإن أمامك مهام عظيمة لتؤديها للبشرية !) فيستيقظ بهمة ونشاط ، مليئا بالتفاؤل والأمل والحيوية ، مستشعراً أهميته ، وأهمية وجوده لخدمة الحياة التي تنتظر منه الكثير .. والكثير ! المدهش أن (سان سيمون) لم يكن لديه عمل مصيري خطير ليؤديه ، فقط القراءة والتأليف ، وتبليغ رسالته التي تهدف إلى المناداة بإقامة حياة شريفة قائمة على أسس التعاون لا الصراع الرأسمالي والمنافسة الشرسة لكنه كان يؤمن بهدفه هذا ، ويعد نفسه أمل الحياة كي تصبح مكانا أجمل وأرحب وأروع للعيش .
فلماذا يستصغر المرء منا شأن نفسه ويستهين بها ؟!
لماذا لا نضع لأنفسنا أهداف في الحياة ، ثم نعلن لذواتنا وللعالم أننا قادمون لنحقق أهدافنا ، ونغير وجه هذه الأرض ـ أو حتى شبر منها ـ للأفضل . شعور رائع ، ونشوة لا توصف تلك التي تتملك المرء الذي يؤمن بدوره في خدمة البشرية والتأثير الإيجابي في المجتمع .
ولكن أي أهداف عظيمة تلك التي تنتظرنا ؟!!
كل امرء منا يستطيع أن يجد ذلك العمل العظيم الرائع ، الذي يؤديه للبشرية إن مجرد تعهدك لنفسك بأن تكون رجلا صالحا ، هو في حد ذاته عمل عظيم .. تنتظره البشرية في شوق
أدائك لمهامك الوظيفية ، والاجتماعية ، والروحانية .. عمل عظيم ، قل من يؤديه على أكمل وجه العالم لا ينتظر منك أن تكون أينشتين آخر ، ولا أديسون جديد ، ولا ابن حنبل معاصر ، فلعل جملة مهاراتك ومواهبك لا تسير في مواكب المخترعين و عباقرة العلم لكنك أبداً لن تُعدم من موهبة أو ميزة تقدم من خلالها للبشرية خدمات جليلة . يلزمك أن تقدر قيمة حياتك ، وتستشعر هدف وجودك على سطح هذه الحياة ، كي تكون رقما صعبا فيها وإحدى معادلات الحياة أنها تعاملك على الأساس الذي ارتضيته لنفسك فإذا كانت نظرتك لنفسك أنك عظيم ، نظرة نابعة من قوة هدفك ونبله . فسيطاوعك العالم ويردد ورائك نشيد العزة والشموخ أما حين ترى نفسك نفراً ليس ذو قيمة ، مثلك مثل الملايين التي يعج بهم سطح الأرض ، فلا تلوم الحياة إذا وضعتك صفراً على الشمال ، ولم تعبأ بك أو تلتفت إليك .
فقم يا صديقي واستيقظ فإن أمامك مهام جليلة كي تؤديها للبشرية
==============================================================
* من كتاب : أفكار صغيرة لحياة كبيرة | للكاتب : كريم الشاذلي *