نصائح من ذهب

اعلَم يا بُني أنَّ الملَكيْن يحصِيَان ألفَاظَك ونَظَراتَك ، وأنَّ أنفَاس الحي خُطَاهُ إلى أجلِهِ ومقدار اللبثِ في القُبُورِ طَوِيلْ ، والعذاب على موافقةِ الهَوى وبيلْ ، فأين لَذة الأمسِ ؟ رحلَّت وأبقَت ندمًا ، وأينَ شَهوة النَّفسِ ؟


نصح الإمام ابن الجوزي ابنه 

فقال له كلمات توزن بما هُوَ أغلى من الذَّهب ـ توزن بماء الأعيُن ـ

فماذا قال ؟؟!!

قال لَهُ الإمام مختصرا :

اعلَم يا بُني أنَّ الملَكيْن يحصِيَان ألفَاظَك ونَظَراتَك ،

وأنَّ أنفَاس الحي خُطَاهُ إلى أجلِهِ ومقدار اللبثِ في القُبُورِ طَوِيلْ ، والعذاب على موافقةِ الهَوى وبيلْ ،

فأين لَذة الأمسِ ؟ 

رحلَّت وأبقَت ندمًا ،

وأينَ شَهوة النَّفسِ ؟ 

كم نكست رأسًا وأزلَّت قدمًا ! ، 

وما سَعِد من سَعِد إلَّا بخِلاَف هَواه ، ولا شَقي من شَقي إلَّا بإيثارِ دُنيَاه ،

فاعْتبِر بمن مضَى من الملُوكِ والزُّهادِ أين لَذة هؤلاء وأين تعَب أُولئك ؟

بقىَ الثوابُ الجزيل والذكرُ الجميل للصَّالحين ، والعقابُ الوبيلْ للعاصِين ،

وكأنَّ ما جاع مَن جاع ، ولا شَبِع مَن شَبِع فانتبه يا بُنى لنفسك ، 

وانْدم علَى ما مضَى من تفرِيطك ، واجتهدْ لتلحق بركبِ الكاملِين 

مادام في الوقت سَعة ، واسقِ غُصنك مادامتْ فيه رُطوبة ، 

واذكُرساعتَك التي ضَاعت فكفَى بها عِظة واعلَم يا بُنى أنَّ الأيـَّام 

تبسط ساعاتْ ، والساعات تبسط أنفاسًا ، وكلْ نَفَس خَزانة ، فاحذَرْ 

أن يذْهب نفسٌ بغيرِ شيء فتَرى في القيامَةِ خَزانة فارغَة فتنْدَمْ ..