من رضي فله الرضا ... ومن سخط فله السخط
11 وقت القراءة
بحث عن القناعة و الرضا معلومات و تقرير عن القناعة و الرضا
القناعة
تعريف القناعة : القناعة الرضابالقسم ( أي النصيب و الحظ ) . قاله ابن السني في كتابه القناعة .
في كتاب موسوعة نضرة النعيم
قال الراغب : القناعة الاجتزاء باليسير من الأغراض المحتاج إليها . قال الجاحظ : القناعة هي : الاقتصار على ما سنح من العيش و الرضا بما تسهل من المعاش و ترك الحرص على اكتساب الأموال و طلب المراتب العالية مع الرغبة في جميع ذلك و إيثاره و الميل إليه و قهر النفس على ذلك و التقنع باليسير منه . قال المناوي : القناعة عرفاً : الاقتصار على الكفاف ، و قيل الاكتفاء بالبُلغة ، وقيل سكون الجأش عند وعدم امألوفات ، و قيل الوقوف عند الكفاية ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
مراتب القناعة ( للماوردي ):
المرتبة الأعلى : أن يقتنع بالبُلغة من دنياه و يصرف نفسه عن التعرض لما سواه .
المرتبة الأوسط : أن تنتهي به القناعة إلى الكفاية و يحذف الفضول و الزيادة .
المرتبة الأدنى : أن تنتهي به القناعة إلى الوقوف على ما سنح ، فلا يكره ما أتاه و إن كان كثيراً ، و لا يطلب ما تعذر و إن كان يسيراً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
آثار القناعة :1 - امتلاء القلب بالإيمان بالله سبحانه و تعالى و الثقة به و الرضا بما قدر و قسم
2 - الحياة الطيبة
3 - تحقيق شكر المنعم سبحانه و تعالى
4 - الفلاح و البشرى لمن قنع
5 - الوقاية من الذنوب التي تفتك بالقلب و تذهب الحسنات كالحسد و الغيبة و النميمة و الكذب
6 - حقيقة الغنى في القناعة
7 -العز في القناعة و الذل في الطمع
8 - القانع تعزف نفسه عن حطام الدنيا رغبةً فيما عند الله .
9 - القنوع يحبه الله و يحبه الناس
10 - القناعة تشيع الألفة و المحبة بين الناس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
من الأسباب المؤدية للقناعة :1 - الاستعانة بالله و التوكل عليه و التسليم لقضائه و قدره.
2 - قدر الدنيا بقدرها و إنزالها منزلتها .
3 - جعل الهمّ للآخرة و التنافس فيها .
4 - النظر في حال الصالحين و زهدهم و كفافهم و إعراضهم عن الدنيا و ملذاتها .
5 - تأمل أحوال من هم دونك .
6 - مجاهدة النفس على القناعة و الكفاف .
7 - معرفة نعم الله تعالى و التفكر فيها .
8 - أن يعلم أن لبعض النعيم ترة و مفسدة .
9 - أن يعلم أن في القناعة راحة النفس و سلامة الصدر و اطمئنان القلب .
10 - الدعاء .
الأسباب باختصار من كتاب كنز القناعة للشيخ د. محمد الركبان - دار القاسم بالرياض- الطبعة الأولى 1422 هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
و كذلك من الأسباب المؤدية للقناعة :
1 - تقوية الإيمان بالله تعالى ، و ترويض القلب على القناعة و الغنى .
2 - اليقين بأن الرزق مكتوب و الإنسان في رحم أمه .
3 - تدبر آيات القرآن العظيم لا سيما ما تتحدث عن الرزق و الاكتساب .
4 - معرفة حكمة الله تعالى في تفاوت الأرزاق و المراتب بين العباد .
5 - العلم بأن الرزق لا يخضع لمقاييس البشر من قوة الذكاء و كثرة الحركة و سعة المعارف .
6 - العلم بأن عاقبة الغنى شر و وبال على صاحبه إذا لم يكن الاكتساب و الصرف منه بالطرق المشروعة .
7 - النظر في التفاوت البسيط بين الغني و الفقير على وجه التحقيق .
من رضي فله الرضا ... ومن سخط فله السخط
حول الرضا بقضاء لله وقدره التقينا فضيلة الشيخ محمود عبد الله هلال الإمام والباحث الشرعي بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت، وكانت للبوابة الإسلامية معه هذه الوقفات ....
- بداية فضيلة الشيخ – حفظكم الله تعالى – ماذا عن الرضا في حياة المسلم وموقعه في دين الإسلام ؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله – محمد بن عبد الله و على آله وصحبه الكرام ومن اقتفى أثره وسار على دربه إلى يوم القيامة، أما بعد،،،
بداية أشكر وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية وموقعها الرسمي البوابة الإسلامية على هذا الجهد المبارك لنشر الدعوة الإسلامية، فجزاكم الله خير الجزاء
فإن الرضا ثمرة من ثمار المحبة وهو من أعلى مقامات المقربين وحقيقته غامضة على الأكثرين ، وهو باب الله الأعظم ومستراح العارفين وجنة الدنيا ، والرضا مصدر رَضِيَ يرضى وهو مأخوذ من مادة (ر ض و) التي تدل على خلاف السخط وفي حديث الدعاء اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، والرضا اصطلاحا: هو سرور القلب بمر القضاء ، وقيل الرضا ارتفاع الجزع في أي حكم كان ، وقيل الرضا هو صحة العلم الواصل إلى القلب فإذا باشر القلب حقيقة العلم أداه إلى الرضا ، وفي هذا السياق قال لقمان لابنه : " أوصيك بخصال تقربك من الله وتباعدك من سخطه : أن تعبد الله لا تشرك به شيئا وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت .
وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى رضي الله عنهما أما بعد، فإن الخير كله في الرضا فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر.
- وماذا عن الرضا بما يقسمه الله للعبد ؟
هو أن يعلم العبد أن كل شيء يجري بتقدير الله ومشيئته، ومشيئته تنفذ، ولا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور } فإن فاتك ما تظنه نافعك وما أصابك ما تظنه ضارك بعد أن بذلت الوسع في جلب النفع ودفع الضر فلا تندم ولا تتحسر وإياك (ولو ) الدالة على الاعتراض والشكاية فإنما قالها أولياء الشيطان من الكافرين والمنافقين .
قال تعالى { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل فان ذلك يطمئن قلبك ويذهب همك وحزنك { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيئ عليم } و قال المتنبي :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** كما أن عين السخط تبدي المساويا
وقال ميمون بن مهران : " من لم يرض بقضاء الله فليس لحمقه دواء " .
- وماذا عن أهمية الرضا في حياء المؤمن كمصدر للراحة النفسية والطمأنينة القلبية ؟
إن الإنسان في قضاء الله وقدره بين أمرين إما سراء وإما ضراء والناس في الضراء على قسمين مؤمن وغير مؤمن ، فأما المؤمن فكل ما قدره الله له فهو خير له إن أصابته سراء من نعمةٍ دينية ، كالعلم والعمل الصالح أو دنيوية كالمال والبنين شكر الله تعالى وذلك بالقيام بطاعة الله سبحانه وإن أصابته ضراء صبر على أقدار الله وانتظر الفرج من الله واحتسب الأجر على الله فكان خيراً له ونال أجر الصابرين ولا شك أن الصبر مقام رفيع وطاعة يحبها الله عز وجل ويحب أهلها كما قال تعالى } والله يحب الصابرين { وهو واجب حتمي ، أما الرضا بأقدار الله فهو أعلى رتبة من الصبر وجزاؤه رضا الله عز وجل الذي هو أكبر من جنة الله عز وجل قال سبحانه } ورضوان من الله أكبر {والرضا يفرغ القلب لله والسُخط يفرغ القلب من الله فان من ملأ قلبه من الرضا ملأ الله صدره غنى وأمنا وفرغ قلبه لمحبته والإنابة إليه والتوكل عليه ومن فاته حظه من الرضا امتلأ قلبه بضد ذلك واشتغل عن ما فيه سعادته وفلاحه .
وهذا عمران بن حصين يقول عنه مطرف بن عبد الله بن الشخير ، أتيت عمران بن حصين يوماً فقلت له إني لادع إتيانك لما أراك فيه ولما أراك تلقى قال : فلا تفعل فوالله إن أحبه إلي أحبه إلى الله وكان رضي الله عنه قد ابتلي بلاء جسيماً في جسده فرضي بما نزل به من عند ربه .
واجتمع وهيب بن الورد وسفيان الثوري ويوسف ابن أسباط فقال الثوري قد كنت أكره موت الفجاءة قبل اليوم وأما اليوم فوددت أني مت فقال له يوسف بن أسباط ولم ؟ فقال لما أتخوف من الفتنة فقال يوسف لكني لا أكره طول البقاء فقال الثوري ولم تكره الموت ؟ فقال يوسف لعلي أصادف يوماً أتوب فيه وأعمل صالحاً فقيل لوهيب أي شيء تقول أنت ؟ فقال أنا لا أختار شيئا أحب ذلك إلي أحبه إلى الله فقبل الثوري بين عينيه وقال روحانية ورب الكعبة.
- وكيف ترون قوله تعالى{ حسبنا الله ونعم الوكيل } ؟وكيف تكون زاداً ومنقذاً للعبد المسلم ؟
قال ابن عباس رضي الله عنهما حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد وأصحابه حين قال لهم الناس } إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضلاً لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم { وهذا غاية التوكل والتسليم والرضا بأقدار الله عز وجل ومن أعجب المشاهد في الرضا والتسليم واليقين ، مشهد سحرة فرعون حين جاءوا يحدوهم الأمل في غنيمة سخية وعدهم بها فرعون إذا هم وضعوا أنف موسى تحت تصرفهم واخضعوا آياته في حبالهم ، }وقالوا لفرعون أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين { فلما ألقوا حبالهم وعصيهم تيقنوا أن الأمر ليس من عمل موسى عليه السلام وإنما هو أمر فوق طاقة البشر ، فكان إقرارهم بالوحدانية لله عز وجل } قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون { وهنا اشتاط فرعون غضباً وتوعدهم بالقتل والصلب } قال فرعون إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى { فكان الرد درساً في التسليم لقضاء الله وقدره والرضا بما قدره الله ، فلا يخيفهم بطش فرعون ولا عذابه ، وقالوا } لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين { وغير بعيد عن أهل الإسلام قصة الغلام وأصحاب الأخدود وما جرى لهم وما حل بهم من نكال وظلم ، لكن لم يغب عن قلوبهم لحظة واحدة أن الله تعالى رافع ذكرهم ومخلد سيرتهم فقد أيقنوا في فضل ربهم ورضوا بقضائه واستسلموا لقدره أملين في نعيم سرمدي ، لو تخيله عقل لاحتقر كل لحظة ألم في هذه الدنيا ولاستعذب كل عذابٍ في سبيل الوصول إلى هذا النعيم الأبدي ، وكان سيد أهل الرضا واليقين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه أصحابه وقد تلونت جلودهم من آثار العذاب وكانت الأيام أيام استضعاف وقهر ، فيأتيه خباب بن الأرت ويقول يا رسول الله ألا تدعوا لنا ألا تستنصر لنا فيقول عليه الصلاة والسلام لقد كان الرجل فيمن قبلكم يؤتى به فيحفر له في الأرض ويشق بالمنشار ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يرده ذلك عن دين الله والذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ، وهذا مقام الرضا بأعلى درجاته واليقين في أسمى مقامته .
- من وجهة نظركم، هل يعد الرضا بالله أعلى من الرضا عن الله ؟
نعم فالرضا بالله ربا متعلق بذاته وصفاته وأسمائه وأما الرضا عن الله فهو رضا العبد بما يفعله به ويعطيه إياه ولهذا لم يجئ إلا في الثواب والجزاء كقوله تعالى }يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية { فهذا برضاها عنه لما حصل لها من كرامته كقوله تعالى } خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه {والرضا به أصل الرضا عنه والرضا عنه ثمرة الرضا به وسر المسألة أن الرضا به يتعلق بأسمائه وصفاته والرضا عنه يتعلق بثوابه وجزائه.
وهذه قصة بطل من أبطال الرضا بما قدره الله إنها قصة أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه ، لما وقع الطاعون في عمواس وهي قرية بين الرملة وبيت المقدس وكان قائدا للجيش أرسل إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول إنه قد عرضت لى حاجة ولا غنى بي عنك فيها فعجِّل إلىَّ فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب قال عرفتُ حاجة أمير المؤمنين إنه يريد أن يستبقي ما ليس بباق فكتب إليه ( إني قد عرفت حاجتك فحللني من عزيمتك فاني في جند من أجناد المسلمين لا ارغب بنفسي عنهم فلما قرأ عمر الكتاب بكى ، فقيل له مات أبو عبيدة ؟ قال لا وكأن قد ، فانظر إليه رضي الله عنه وكيف انه لم يستجب لاستدعاء أمير المؤمنين ثم كيف كان رضاه بما أصيب به من الطاعون وعدم الرغبة في زوال البلاء وهو عين الرضا وهذه أعلى الدرجات ومن أولى بذلك من الصحب الكرام ثم من أولى من الصحابة بكل فضيلة من العشرة المبشرين بالجنة رضي اله عنهم أجمعين
- فضيلة الشيخ – حفظكم الله – كيف يكون المؤمن عميق الإحساس بنعم الله عليه ؟
يستشعر المؤمن اصطفاء الله له واختياره من بين خلقه بأن حمَّله أمانة هذا الدين ليقود البشرية إلى موعود الله وحَرَم غيره من هذا الفضل العظيم وكيف لا يرضى المسلم عن نفسه وقد رضي له ربه ما رضيه دينا قيما لخلقه ، فبالإسلام وللإسلام يعيش العبد في رضا وسعادة يتفاعل مع الكون كله ولسان حاله يقول :
سـل الواحة الخضراء والماء جاريا *** وهذي الصحارى والجبال الرواسيا
سل الروض مزدانا سل الزهر والندى *** سل الليل والإصباح والطير شـــاديا
سـل هذه الأنسام والروض والسما *** سل كل شيء تسمع الحمد ساريا
فلو جن هذا الليل وامتد ســـرمدا *** فمن غير ربي يرجــع الصبح ثانيــــا
- وختاماً فضيلة الشيخ كيف يجمع المسلم بين الرضا وفي نفس الوقت لا يكون ذلك مطية للسكوت عن الباطل ؟
فقد ذكر العلماء أن الرضا عن الله لا يتناقض مع الفزع لرؤية محارم الله تنتهك ،فالراضي لا يخاصم ولا يعاتب إلا فيما يتعلق بحق الله ورسوله وهذه كانت حال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فانه لم يكن يخاصم أحدا ولا يعاتبه إلا فيما يتعلق بحق الله كما انه كان لا يغضب لنفسه فإذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه شيء حتى ينتقم لله ، وأختم بقول ذي النون المصري :
إذا ارتحل الكرامُ إليك يوما *** ليلتمسوك حالا بعد حـــال
فــان رحالنــا حطــت لترضـى *** بحلمك عن حلولٍ وارتحال
أنخنــا في فِنـــائك يـــا الهـــي *** إليك مُعَرَّضين بلا اعتلالي
فسُسْنا كيف شئت ولا تكِلنا *** إلى تدبِيـرنــا يــــــا ذا المعــــــالي