ست حروب طويلة لصياغة شرق أوسط جديد

ست حروب طويلة لصياغة شرق أوسط جديد
 ( موجز تقدير موقف )
 
 
14 آب 2006
 

 
المحتويات
 
تقديم
3
الحرب في العراق 
الصراع مع الانتشار النووي و"المغامرات" الإيرانية
الحرب في أفغانستان ومشكلة باكستان
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
الصراع الإسرائيلي اللبناني
الحرب الشاملة على الارهاب
3
4
5
5
6
 
 
تعريف بالترجمة
عنوان البحث
كارثة الشرق الأوسط: ست حروب طويلة
مؤلف البحث
أنطوني كوردسمان
جهة إصدار البحث
مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – واشنطن
تاريخ الإصدار
4 آب 2006
جهة الترجمة
مركز خدمة المتابعات الصحفية
تاريخ إصدار الترجمة
14 آب 2006

 
 
ست حروب طويلة لصياغة شرق أوسط جديد
 
تقديم
لن يكون الشرق الأوسط مكاناً آمناً أبداً، لكن تبعاً لمعايير إقليمية تواجه الولايات المتحدة مشاكل رئيسة في كل مكان من العالم تقريباً. حتى لو غض أحدنا النظر عن القضايا التي تحتمل الصبر عليها مثل الطاقة، التنمية، الديموغرافيا والسياسة الدبلوماسية، تبقى الولايات المتحدة وحلفاؤها متورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في ست "حروب طويلة" هي:
  1. الحرب في العراق
  2. الصراع على الانتشار النووي و"المغامرات" الإيرانية
  3. الحرب في أفغانستان ومشكلة باكستان
  4. الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
  5. الحرب الإسرائيلية اللبنانية
  6. الحرب الشاملة على الارهاب
من السهل أن تفقد إحدى هذه الحروب الاهتمام والأضواء المسلطة عليها بسبب التعامل مع الحروب الأخرى. تماماً كما أن من السهل أن يقل اهتمامنا بالعلاقات بين هذه الحروب وحقيقة كونها "حروب طويلة". وبعيداً عن مستوى العنف في هذه الحروب، يشمل كل واحد من هذه الصراعات خلافات دينية، عقائدية، سياسية ومبدئية لن تزول قبل عقد من الزمن.
أكثر ما يمكن أن تطمح إليه الولايات المتحدة هو الحد من الخطر والتدخل، واحتواء النزاع الأسوأ ووضع نزاع معين على طريق واشح ومرسوم بحيث تجد الإدارة الأمريكية لنفسها وقتاً كافياً لإيجاد حلاً حقيقياً للنزاع. قد تخسر الولايات المتحدة سريعاً في بعض الصراعات لكنها حتماً لن تفوز سريعاً في أية صراع. أضف الى ذلك، أن الولايات المتحدة لن تتمكن من التصرف أحادياً في أي منها؛ ففي كل واحدة يعتمد الفوز على شركاء محليين ودوليين.
المضحك أن الولايات المتحدة لم تكن يوماً بحاجة إلى شركاء وحلفاء مثلما هي بحاجة إليهم اليوم. الا أن الواقع هو تنامي فرص الشراكة الحزبية، وبأحسن الأحوال واقعية غير موثوقة، وقوة متواصلة لتخويل الحلفاء والضغط عليهم بدلاً من التعامل معهم كشركاء. وتزداد هذه الحقيقة سوءً إذ تشكل العلاقة بين العرب وإسرائيل دائماً مركزاً لاستقطاب السياسة الأمريكية والتفكير الاستراتيجي، وتتطلع الإدارة الأمريكية والكونجرس اليوم إلى حملتي انتخابات: الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني 2006 والانتخابات الرئاسية في 2008. وقد تكون الحقيقة هي الضحية الأولى للحرب، لكن تبقى المصلحة الوطنية الضحية الأولى للسياسة المحلية.
ليست هناك أي أجوبة صالحة وسريعة أو بسيطة للنزاعات التي تواجهها الولايات المتحدة، لكن من السهل إيضاح أهمية الصبر والشراكة الفعلية فيها.
 
الحرب في العراق 
تواجه الولايات المتحدة والشعب العراقي مرحلة حرجة قد تجر بغداد والدولة العراقية إلى حرب أهلية يتعذر على القوات الأمريكية الحؤول دونها، بل أن أي جهود تبذل لمنعها قد تجعلها طرفاً في هذه الحرب. لا يرجح أن تندلع معركة بغداد (بين السنة والشيعة) هذا الصيف، على الرغم من احتمال وقوع الكثير من الأحداث التي قد تثيرها. غير أنه من المرجح أن تتأجل من ستة أشهر إلى سنة حتى تندلع الحرب الأهلية. يجب أن تتمكن القوات الأمريكية والعراقية من تسجيل انتصارات أولية ضد قوات التمرد (المقاومة العراقية) وتخفيف حدة النزاع الطائفي اذا أمكن التحكم بالشرطة العراقية ولم يندلع الصراع مع الميلشيات الشيعية.
كل شيء يعتمد حقيقة على القيادة السياسية العراقية وعلى سرعة التوصل إلى اتفاق وطني جديد. كما يعتمد على القدرة الأمريكية والعراقية على إبقاء الأجهزة الأمنية والعسكرية بعيدة عن النزعة الطائفية، وإصلاح قوات الأمن والشرطة، وايجاد قبول للحكومة على المستوى المحلي.
قد تأتي الهزيمة في غضون أيام أو أسابيع أو أشهر. التقدم ونوع من "الانتصار" يعني جهداً أمريكياً مضاعفاً حتى ما بعد 2010، وهذا يتطلب دعماً أمريكياً عسكرياً قتالياً في المستقبل، وهذا الأمر ينتهي عندما تنتهي العمليات الحربية المطلوب انجازها، وليس في تاريخ محدد. علماً بأن الدعم الأمريكي قد ينخفض بحدة للحكومة العراقية، وربما يتطلب ذلك 20 مليار دولار أمريكي أو أكثر لتحقيقه، غير أن المساعدات والنفقات المالية سيتم تحويلها إلى العراقيين هذه المرة مع توظيف وحدات أمريكية مهمتها التحقق من فعالية المشاريع والحد من الفساد وقياس التقدم والفعالية. قد يقال أن هذا سيناريو مشؤوم، حيث أن على الولايات المتحدة أن تأخذ بعين الاعتبار فيه تكلفة تصل لخسارة 5000 مواطن أمريكي و800 مليار دولار وخطة لخمس سنوات مع احتمالية بالنجاح لا تتعدى نسبة 50 %.
على الولايات المتحدة أن تنظر أيضاً في كيفية تسليم القيادة للعراقيين في أقرب وقت ممكن؛ وفي كيفية العمل بشكل أقرب مع الدول الإقليمية الأخرى وجامعة الدول العربية؛ وفي كيفية تقليص التراجع القصير والمتوسط المدى الذي قد ينتج عن الصراع الإسرائيلي مع فلسطين ولبنان بسبب علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل. فالولايات المتحدة تعتبر موالية لإسرائيل وهذا ما ستتصرف على أساسه كل الحركات المناهضة للولايات المتحدة وأصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة.
هذا لا يعني أن تتخلى الولايات المتحدة عن إسرائيل من أجل العراق أو النفط أو أي سبب آخر. لكنه يبقي على الولايات المتحدة ضرورة الحفاظ على أفضل وضع ممكن، سعيا للتوصل إلى سلام حقيقة وتقديم مساعدات انسانية عاجلة. لا يتوقع أي أحد في المنطقة أن تقف الولايات المتحدة على الحياد، أو أن لا تواصل دورها "الثنائي الوجوه" (المعايير المزدوجة). مجرد الوقوف جانباً، في الواقع، يبرز أن الولايات المتحدة غير مبالية وتسعى لمصالحها الخاصة فحسب. كما تعتبر هذه الفترة الأكثر تهديدا للأنظمة العربية التي تدعم السلام مع إسرائيل وتساند الولايات المتحدة من الناحية الأمنية. لم تكن الدبلوماسية المتحولة فورياً مهمة يوما ما، لكنها تفرض نفسها بحقيقتها الآن.
 
الصراع مع الانتشار النووي و"المغامرات" الإيرانية
تشكل إيران تهديداً يتعدى القدرات النووية، فهي تكتسب مصالح بارزة في كل من العراق، سوريا، لبنان وفلسطين. ومن المبكر جداً الآن الحديث عن "الهلال الشيعي" أو "المحور الشيعي"، ومن الأفضل تجنب هذه المصطلحات بكل الأحوال، لأن هذا الهلال ليس ذا تأثير فعلي وقد يكون غير متشكّل واقعياً. لكن هناك خطر حقيقي من انعكاس النزعات الطائفية في العراق على صعيد الشرق الأوسط بأكمله، تكاملها من الطرف الآخر المعتقدات السلفية السنية الحديثة مثل أتباع فكر القاعدة.
يشكل شيعة العراق والعلويون في سوريا وحزب الله والجماعات المرتبطة بحركتي حماس والجهاد الاسلامي في فلسطين داعماً ومسانداً أساسياً لإيران في المنطقة. وليست هناك اي إشارة إلى أن تغييراً قد يحدث في النظام الإيراني سواء عبر انقلاب داخلي أو بانفجار صراع مسلح حول الملف النووي، فأياً من ذلك لن يغير النظام الإسلامي في إيران حالياً، والصراع مع إيران سيبقى على ذات الوتيرة الحالية لخمس سنوات مقبلة في أفضل الأحوال قبل أن يتم معالجته بوسائل غير تقليدية.
هذا الواقع يزيد من دفع الولايات المتحدة إلى السعي للانتصار في العراق ولاتخاذ اجراءات لمنع تراجع الدعم السياسي لواشنطن بسبب علاقتها مع إسرائيل. كما يشدد على الحاجة إلى اعادة بناء وتقوية العلاقات العسكرية الأمريكية مع تركيا ودول الخليج. لاحتواء إيران، يجب أن تقف الولايات المتحدة وتدافع عن نفسها في وجه الجهود الإيرانية للتسلح النووي ونشره في المنطقة. وفي حال اضطرت الولايات المتحدة للخروج من العراق، عليها أن تحافظ على علاقاتها مع حلفاء إقليميين للتحقق من غياب مفعول الدومينو.
يعزز هذا أيضا حاجة الولايات المتحدة للتعامل مع أوروبا والقوى الإقليمية لدفع الخيارات الدبلوماسية لوقف النشاطات النووية الإيرانية التي قد يصل مدى أسلحتها إلى حدود أوروبا أو ما بعدها بطرق تظهر وجود قوة عسكرية أو دفاعية لاحقاً. في هذه الحالة، قد يكون مجدياً أحياناً الحوار مع سوريا أو إيران في الموضوع وفي أحيان أخرى قد لا مجدياً. ينبغي أن تقدم الولايات المحدة عرضها لإيران بعيداً عن التعابير السياسية بقدر الامكان فبل اللجوء إلى العصا.
وعليها أيضا أن تستفيد من تجربة إسرائيل في لبنان ومن تجربتها في العراق، حيث تدرك الولايات المتحدة أن استخدام العصا سيعرضها بشكل مباشر أكثر لحرب مع إيران تكون إقليمية وأخيرة مع إسرائيل. تحتاج الولايات المتحدة بشدة إلى حليف شيعي معتدل، وفي حال تمكنت من ايجاده، فعليها أن تستخدم ورقة العرب ضد الفُرس، والنتائج الأفضل لن تكون مرضية للجميع حينها.
 
الحرب في أفغانستان ومشكلة باكستان
قد لا تخسر الولايات المتحدة في أفغانستان لكن كما يقول الجنرال شوماكر حول العراق، أنها لن تفوز. الحكومة والقوات الأفغانية ليست مسيطرة على الأمور. مشكلة الباشتون تكبر بشكل متواصل ودور باكستان يزداد غموضاً. هذا وتلحق الجهود الأمريكية في أفغانستان ضرراً أكثر من النفع المستجدى، كما أن التقاليد والقيم الدينية تعود إلى الظهور متزامنة مع عودة لنظام طالبان على الأرض.
يستخدم العالم العربي والاسلامي الصور نفسها للاعتداءات الاسرائلية على لبنان وفلسطين وللاعتداء الأمريكي على العراق في الشحن العدائي ضد سياسات الولايات المتحدة، وقد أثر ذلك سلباً على موقف الولايات المتحدة في أفغانستان. كما زاد الأمر سوءاً بفعل تحقير الجهود العسكرية الأمريكية وضعف تمويل الاقتصاد والتنمية المحلية بأفغانستان.
تتفاعل مواضيع العراق، الشيشان، أفغانستان، الصراعات الإقليمية مع إسرائيل وإيران، الديكتاتورية في آسيا الوسطى، الحركات الدينية الباكستانية ومغامرات الاستخبارات الباكستانية جميعاً مع بعضها البعض. فالاعتماد الأمريكي الكبير على قوات حلف الناتو -التي ترتبط أيديولوجياً بنشر السلام وليس الحرب- وتمركز القوات البريطانية في مناطق الخطر يشكلا هدفاً جذاباً للقاعدة. كذلك تعتبر القوات الأفغانية وعناصر الحكومة الأفغانية التي تتواجد عادة في بعض الأماكن عرضة للاستهداف المباشر من القوات والتنظيمات المعادية.
يبدو أنه ما من شيء أسوأ سياسياً في المستقبل القريب من زيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان وارتفاع المصاريف الأفغانية لما يزيد عن نصف عقد مقبل من الزمن. كما لن يكون هناك أشد خطراً على الأمد المتوسط أو البعيد من عدم تأمين هذه الزيادة. السيناريو الأفضل هو أن يكون من الأوفر الدفع والفوز الآن بدلاً من محاولة القيام بهذا لاحقاً. والأسوأ هو أن يكون من الأفضل الدفع الآن والفوز بدلاً من دفع الثمن لاحقاً والخسارة.
قد لا يكون من الصدفة أن تكون حقيقة المساعدة التي تقدمها باكستان للقوات الأمريكية في أفغانستان صحيحة. فأفغانستان هي مجرد مكان محتمل لإيواء الارهابيين والمتطرفين؛ في حين أن باكستان تشكل قوة إقليمية ونووية. إمكانية تحوّل باكستان إلى "دولة إسلامية" ليس مجرد احتمال بل هو توقع ممكن، وامتلاك باكستان للأسلحة النووية واستعدادها لبيعها قد يكون مشكلة كبيرة جديدة في "الشرق الأوسط الكبير". ومهما بلغت الكلفة الحالية المرتفعة لزيادة مستوى الدعم الأمريكي للنظام الباكستاني الحالي فإنها ستبقى أقل ثمناً وتكلفة من تحمل هذا الخيار (انهيار النظام وقيام دولة إسلامية) في المستقبل.
 
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
تطرقنا أعلاه إلى العلاقة بين الموقف الأمني الأمريكي وإسرائيل في الشرق الأوسط. ويجب في الواقع أن لا ننسى حقيقة واحدة، هي أن إسرائيل والفلسطينيين عالقان في حرب استنزاف منذ أيلول 2000، وآمال السلام الآن هي أسوأ بكثير مما كانت عليه في عهد الرئيس عرفات، فأي من الفلسطينيين والإسرائيليين لا يمثل شريكاً حقيقياً للسلام مع الآخر.
ليست هناك وحدة داخلية حقيقية داخل الصف الفلسطيني، وانتظار حماس والجهاد الاسلامي وغيرهم من المنظمات الفلسطينية المتطرفة للتغير أمر أقل موثوقية في أن يحدث الآن منه قبل الحرب على لبنان. فإن كان حزب الله يريد توجيه رسالة للفلسطينيين من خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل فهي أن "الحرب الشاملة (المتعددة الجبهات) قد لا نفوز بها لكنها حتماً ستؤذي إسرائيل كثيراً".
بات أقل ترجيحاً أن تقوم إسرائيل بانسحابات أخرى أحادية الجانب، فهي لن تأمل كثيراً في وضع ثقتها بالجدار العازل دون وجود متقدم لجيش الدفاع الإسرائيلي على الجبهة الداخلية الفلسطينية، وبالتالي فإسرائيل لن تتطلع كثيراً إلى الوثوق بالفلسطينيين (حلفائها منهم) لحفظ أمن إسرائيل بالوكالة بعد الحرب الأخيرة في لبنان.
الولايات المتحدة يمكنها أن تقوم ببعض الانطلاقات عبر تقديم المساعدات الخارجية للفلسطينيين وتأمن انطلاقة دبلوماسية لعملية السلام، ويمكنها أيضاً أن ترسي ضغطاً بنّاءً على إسرائيل للتقليل من حجم مستوطناتها وطول الجدار العازل، وأن تقدم للفلسطينيين الكثير من الحوافز. كما يمكنها أن تزيد من حدة لهجتها مع أوروبا وحلفاء السلام من الدول العربية. إلا أنه يصعب في النهاية أن نؤمن أن النتيجة النهائية ستكون أكثر من التحضير للحظة التي قد يسأم فيها أحد أو كلا الطرفين من الصراع القائم بينهما لدرجة تغيير مواقفهم وهذا لا يبدو انه سيحصل قبل نصف عقد من الآن.
المستقبل القريب مليء بالكلام دون أي تحركات فعلية على الأرض، وأفضل ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة هو تخفيف حدة التراجع الحاصل في الموقف الإسرائيلي ميدانياً. فالولايات المتحدة لا يمكنها أن تضمن لإسرائيل عدم مواجهة تهدادات حقيقية لوجودها في المنطقة، والتي تتمثل حالياً بالتسلح النووي الإيراني وقيام إيران بتحويل المزيد من الأسلحة الأكثر تطوراً إلى العناصر المعادية لإسرائيل والقريبة من حدودها كحزب الله وحماس.
 
الصراع الإسرائيلي اللبناني
الصراع الإسرائيلي اللبناني قد لا يزال يحتمل تسوية محلية مرضية، لكن هذا يعتمد على نزع سلاح حزب الله بشكل كامل  ودائم وتأمين حدود لبنان الجنوبية. إلا أن شرعية القتال قد تخلق آراء سياسية في لبنان والمنطقة ما قد يحول دون تحقيق ذلك. حتى أنه من الممكن أن يؤدي انتشار الجيش اللبناني وقوة السلام إلى زيادة المشكلة وليس حلها. وقد يثير الصراع بسهولة بحثاً عن أسلحة أكثر دقة وأبعد مدى وأشد فتكاً، بما فيها رؤوس كيماوية أو بيولوجية أو إشعاعية أو نووية.
قد ينعكس هذا الصراع إقليمياً بشكل سلبي على إسرائيل والولايات المتحدة حتى لو أدى إلى تراجع شعبية حزب الله. فكما تعلمنا من الحرب في العراق وأفغانستان، التنظيمات المعادية ليست بحاجة إلى أسلحة نووية لمهاجمة إسرائيل أو الولايات المتحدة. الانطباع السائد في المنطقة (كان عادلا أم لا) هو أن إسرائيل تصعد العنف دون سبب وتتعمد إلحاق القدر الأكبر من الأذى غير المبرر، وهذه الرسالة تساعد في تقوية موقف القاعدة وحماس والجهاد الاسلامي.
الوقت الآن ليس مناسباً للكلام عن خسارة إسرائيل في هذه الحرب، لكن لا يمكننا أن نرى أي رابح في النهاية سوى إسرائيل. كما أنه يبدو أن الولايات المتحدة ستدفع ثمن هذه الحرب لسنوات طويلة، أو ربما ثمناً لدبلوماسية إسرائيل التي تبدو أنها غير متوازنة مع أفعالها.
 
الحرب الشاملة على الارهاب
الولايات المتحدة ربما لن تخسر الحرب الشاملة على الارهاب، لكن كل هذه الحقائق السابقة تنذر بأنها لن تفوز بها. القضية ليست بن لادن أو القاعدة، أو الأنظمة الحالية في سوريا وإيران. الولايات المتحدة تتعامل مع خليط متنوع من الحركات المتطرفة الحالية والمستقبلية على الصعيد الإقليمي. هي تتعامل مع قوى دينية وعقائدية وحضارية لن تتمكن من هزمها الا بمشاركة حلفاء إقليميين. ويلاحظ أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تنسحب ببساطة من أي جزء من المنطقة دون تهديد الشرق الأوسط برمته إذا فعلت ذلك.
إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تفوز في هذه الحرب، فعليها أن تعالج كل الصراعات الأخرى إلى جانب الحرب على الارهاب. هذا ينطبق تحديداً على أفغانستان والعراق، الى جانب أن فوز الولايات المتحدة يرتبط بشكل أساسي بتحركات إسرائيل وبصراع الحكومات العربية مع شعوبها داخلياً. تحتاج الولايات المتحدة إلى حلفاء مثل المغرب وتونس ومصر والأردن والسعودية وغيرها، أي أكثر مما ستملكه خلال العقود القادمة.
الولايات المتحدة لا تزال مبتدئة في إدراك معنى "الحروب الطويلة" بالنسبة للالتزامات العسكرية المالية من ناحية، ودرجة التعقيد والتداخل والوقت المطلوب لتحقيق الانجازات فيها من ناحية أخرى. وكلما تعلمت واشنطن هذه الدروس في وقت أسرع، كلما سنحت لها فرصة العودة إلى الواقعية في وقت أبكر، وتوفر لها الوقت للحصول على شريك حقيقي في تسوية هذه "الحروب الطويلة". حاليا، "القوة الكبرى الوحيدة في العالم" قد تصبح أضحوكة سخيفة.
 
تم ..