قصة عابد بني إسرائيل
5 وقت القراءة
هذه قصة عابد بني إسرائيل التي تذكرها كتب السير، لقد كان من أعبد الناس، جلس في صومعته لا يخالط العالم، اعتزل شرورهم، وجاءه أخوان معهم أخت لهم قد أصيبت بمس من الجن، فقالوا له:
اقرأ عليها، لعل الله أن يشفيها على يديك، وكانت جميلة حسناء، فقام فقرأ عليها فشفيت، فكان إذا تركها عاد إليها الشيطان، وإذا رقاها خرج منها، فتركها أخواها عنده ليعالجها، فجلس هو في صومعته، وجلست البنت في غرفة بعيدة عنه.
وفي يوم من الأيام قال له الشيطان: ما يضرك؟! انزل واجلس على مدخل الصومعة والمغارة وهي عند الباب تحدثها وتحدثك، تذكرها بالله، وبالآيات، وبالنصائح.
وفي اليوم الثاني، قال: قدم لها الطعام بيدك، وفي اليوم الثالث، قال: اجلس بجوارها عند الباب، وفي اليوم الرابع، قال: ادخل معها في الداخل، ولما اختلى بها، وقع بها فحملت منه، فتورط وخشي الفضيحة إذا ولدت؛ فجاءه الشيطان، قال: لم أنت خائف؟ اقتلها هي وجنينها، وادفنها، ولا يعلم بك أحد، وإذا جاء أخواها، فقل: جاء الشيطان فتلبسها فهلكت، فأطاع ذلك العابد الشيطان، وخنقها، وقتلها وجنينها، ودفنها بعيداً عن المغارة.
فجاء أخواها، قالوا: أين أختنا؟ قال: تلبسها الشيطان وذهب بها، فجاء الشيطان للأخوين في المنام، وقال: أختكم فحَش بها العابد، وحملت وخنقها وهي في المكان الفلاني، فذهبا فحفرا المكان، وجاءا إلى العابد، وعرضوه إلى الصلب، فجاء الشيطان وقال له: ماذا تقول؟ لا يملك تخليصك من هذا الشنق وهذا القتل غيري، تطيعني؟ قال: أطيعك، قال: اركع واسجد لي، فركع وسجد له، فلما سجد له، وأشرك بالله تولى عنه الشيطان وهو يضحك، وتركه يشنق كافراً ملحداً زانياً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! أرأيتم خطورة الأمر؟ بدايتها خطوة واحدة من خطوات الشيطان، ثم إذا هو في الدرك الأسفل مع الشيطان، والله سبحانه وتعالى يذكر في القرآن عن هذا الصنف من الناس:
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
[الأعراف:175-176].
أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقص القصص من هذا النوع على أمته لعلهم يتفكرون، ولا أنسى تلك القصة التي حكاها لي (النوخذة) البحري عيسى العثمان متعنا الله ببقائه عن أحد البحارة معه في سفينته، كان يؤذن لهم، ويؤمهم في الصلاة، وإذا وصلوا إلى بلاد الهند و السند لا ينـزل إلى الناس ولا يخالطهم، وإنما يتعبد الله على ظهر السفينة، حتى يعود البحارة بعد ذلك من ترفيههم إلى السفينة، فيعودون مرة ثانية إلى الكويت .
وفي يوم من الأيام بينما هو في محرابه على ظهر السفينة، جاءه شيطان من الإنس قال له: لماذا أنت جالس على ظهر السفينة؟ تعال وانزل، لا تذهب إلى أماكن اللهو، ولكن خالط الناس، هناك أسواق، وهناك حدائق، وهناك حيوانات في الحدائق، تعال وانظر ومتع نفسك، تحتك الماء وفوقك السماء، ألست بشراً؟ فنزل معه وأطاعه، وترك العزلة، ولم يكن يوماً خالط الأشرار، فذهب به إلى السوق، ورأى المعاصي بعينيه فاستهان بها، ثم ذهب به إلى بيوت البغاء، وقال له: لا تدخل، قف في الخارج، فلما دخل هذا الرجل، وسمع ضحكهم نظر من ثقب الباب؛ فرأى أمراً عجباً، فدفع الباب ودخل، ثم دخل دخولاً لم يخرج بعده.
وعاد البحارة إلى السفينة، والناس يسألون أين المؤذن؟ أين الذي يؤمنا؟ أين الذي ينادينا في الفجر؟ قالوا: إنه هناك في بيت البغاء، فذهبوا إليه، وصاح بهم: مالكم ومالي، دعوني هذه دنياي، وهذه حياتي، لقد مضى عمري في تعاسة وانتكاسة، والآن عرفت طعم الحياة، فحملوه على أكتافهم وهو يصرخ: اتركوني .
.
اتركوني .
.
حتى قذفوه على ظهر السفينة وانطلقت به عبر أمواج البحار، ولكنه أضرب عن الطعام والشراب، حتى نحل جسمه، واصفر وجهه، ومرت عليه أسابيع حتى هزل، وفي ليلة من الليالي جاءه ربان السفينة، قال: ويحك! لا صلاة ولا أذان، ولا طعام ولا شراب، أي بشر أنت؟ قال: إنك لا تدري ماذا حدث لي؟ إن قلبي هناك مع البغايا ليس عندكم، وانظر ماذا حدث لي، فكشف عن عورته فرأى أعضاءه التناسلية يتناثر منها الدود، عند ذلك تركه وانصرف وقد أصابه الغثيان مما رأى، وفي جوف الليل ووقت السحر، وقت استغفار العاصين والعباد، سمعوا صرخة عظيمة، فتقافز البحارة من نومهم، وإذا هو يعض على خشب السفينة وقد فاضت روحه ومات أسوأ ميتة، فلفوه ورموه في البحر لكي تأكل بقيته أسماك البحار، يا لها من نهاية تعيسة! لمن انقلب قلبه ذلك الانقلاب الرهيب، نسأل الله سبحانه وتعالى العافية.
من أجل ذلك كان الله في القرآن يوصينا جميعاً بأن ندعو بهذا الدعاء العظيم الرباني:
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
[آل عمران:8] وضرب الله لنا مثلاً بقوم موسى الذين أنعم الله عليهم وفضلهم على العالمين، ضرب المثل في انقلاب القلوب، وليس انقلاب قلب واحد، إنما هو انقلاب قلوب أمة كاملة بالإجماع، انقلاب رهيب، يقول الله عنه في كتابه الكريم:
فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
[الصف:5] فتبين السبب في هذا الانقلاب: الإدمان على الفسق، والخمر، والزنا، والربا، والفواحش، والتآمر، والخيانة، والإصرار على الذنب والكبيرة، هذا هو الفسق، الله سبحانه وتعالى عاقبهم، فكان عقاب المعصية معصية بعدها:
فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ
[الصف:5].
ونحن نأخذ العبرة من حادثة البقرة في سورة البقرة، بنو إسرائيل قتلة لا يعرفون السلام، يقتلون الأنبياء والأبرياء، وفي يوم من الأيام قتلوا نفساً بريئة، ثم علموا القاتل، فادارءوا فيها، وخبأ كل فرد منهم الجريمة في قلبه، كما يفعلون الآن مع يهود العرب في مؤتمراتهم، يخططون لإبادة الشعب الفلسطيني، ويضمرون ذلك في قلوبهم، ويرفعون مشاريع وقرارات خلاف الواقع الذي في قلوبهم، من أجل ذلك لم يأت يوم تتقدم فيه القضية الفلسطينية، أو يكون فيها حلاً، أو يكون فيها سلاماً؛ لأن الله يعلم ما انطوت عليه القلوب من خبث.
أحبتي في الله: لما ادارءوا في قتل هذا البريء، ماذا فعل الله بهم؟ أمرهم أن يذبحوا بقرة، فأخذوا يستهزئون بموسى عليه السلام، حتى شدد الله عليهم فذبحوها، ثم قال:
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
[البقرة:72-73] ولكنهم لم يعقلوا، أخذوا قطعة من لحم البقرة، وجاءوا إلى جثة القتيل وضربوها باللحم الميت المذبوح، ضربوا ميتاً بميت، فأحيا الله القتيل وجلس، قالوا له: من قتلك؟ قال: قتلني فلان بن فلان -ونبيهم موسى يسمع- ثم عاد ومات مرة ثانية، فلم يؤمنوا، وضلوا يعقدون قلوبهم على القتل والجريمة، فبماذا عاقبهم الله؟
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً
[البقرة:74] أرأيتم العقاب؟ قسوة أشد من قسوة الحجارة.
وهكذا -أحبتي في الله- تراهم دائماً وأبداً، تصل بهم المسألة أن يشربوا في قلوبهم العجل، عجل ضخم دخل في أنياط وشعيرات القلوب، عقوبة من الله رب العالمين.
اقرأ عليها، لعل الله أن يشفيها على يديك، وكانت جميلة حسناء، فقام فقرأ عليها فشفيت، فكان إذا تركها عاد إليها الشيطان، وإذا رقاها خرج منها، فتركها أخواها عنده ليعالجها، فجلس هو في صومعته، وجلست البنت في غرفة بعيدة عنه.
وفي يوم من الأيام قال له الشيطان: ما يضرك؟! انزل واجلس على مدخل الصومعة والمغارة وهي عند الباب تحدثها وتحدثك، تذكرها بالله، وبالآيات، وبالنصائح.
وفي اليوم الثاني، قال: قدم لها الطعام بيدك، وفي اليوم الثالث، قال: اجلس بجوارها عند الباب، وفي اليوم الرابع، قال: ادخل معها في الداخل، ولما اختلى بها، وقع بها فحملت منه، فتورط وخشي الفضيحة إذا ولدت؛ فجاءه الشيطان، قال: لم أنت خائف؟ اقتلها هي وجنينها، وادفنها، ولا يعلم بك أحد، وإذا جاء أخواها، فقل: جاء الشيطان فتلبسها فهلكت، فأطاع ذلك العابد الشيطان، وخنقها، وقتلها وجنينها، ودفنها بعيداً عن المغارة.
فجاء أخواها، قالوا: أين أختنا؟ قال: تلبسها الشيطان وذهب بها، فجاء الشيطان للأخوين في المنام، وقال: أختكم فحَش بها العابد، وحملت وخنقها وهي في المكان الفلاني، فذهبا فحفرا المكان، وجاءا إلى العابد، وعرضوه إلى الصلب، فجاء الشيطان وقال له: ماذا تقول؟ لا يملك تخليصك من هذا الشنق وهذا القتل غيري، تطيعني؟ قال: أطيعك، قال: اركع واسجد لي، فركع وسجد له، فلما سجد له، وأشرك بالله تولى عنه الشيطان وهو يضحك، وتركه يشنق كافراً ملحداً زانياً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! أرأيتم خطورة الأمر؟ بدايتها خطوة واحدة من خطوات الشيطان، ثم إذا هو في الدرك الأسفل مع الشيطان، والله سبحانه وتعالى يذكر في القرآن عن هذا الصنف من الناس:
أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقص القصص من هذا النوع على أمته لعلهم يتفكرون، ولا أنسى تلك القصة التي حكاها لي (النوخذة) البحري عيسى العثمان متعنا الله ببقائه عن أحد البحارة معه في سفينته، كان يؤذن لهم، ويؤمهم في الصلاة، وإذا وصلوا إلى بلاد الهند و السند لا ينـزل إلى الناس ولا يخالطهم، وإنما يتعبد الله على ظهر السفينة، حتى يعود البحارة بعد ذلك من ترفيههم إلى السفينة، فيعودون مرة ثانية إلى الكويت .
وفي يوم من الأيام بينما هو في محرابه على ظهر السفينة، جاءه شيطان من الإنس قال له: لماذا أنت جالس على ظهر السفينة؟ تعال وانزل، لا تذهب إلى أماكن اللهو، ولكن خالط الناس، هناك أسواق، وهناك حدائق، وهناك حيوانات في الحدائق، تعال وانظر ومتع نفسك، تحتك الماء وفوقك السماء، ألست بشراً؟ فنزل معه وأطاعه، وترك العزلة، ولم يكن يوماً خالط الأشرار، فذهب به إلى السوق، ورأى المعاصي بعينيه فاستهان بها، ثم ذهب به إلى بيوت البغاء، وقال له: لا تدخل، قف في الخارج، فلما دخل هذا الرجل، وسمع ضحكهم نظر من ثقب الباب؛ فرأى أمراً عجباً، فدفع الباب ودخل، ثم دخل دخولاً لم يخرج بعده.
وعاد البحارة إلى السفينة، والناس يسألون أين المؤذن؟ أين الذي يؤمنا؟ أين الذي ينادينا في الفجر؟ قالوا: إنه هناك في بيت البغاء، فذهبوا إليه، وصاح بهم: مالكم ومالي، دعوني هذه دنياي، وهذه حياتي، لقد مضى عمري في تعاسة وانتكاسة، والآن عرفت طعم الحياة، فحملوه على أكتافهم وهو يصرخ: اتركوني .
.
اتركوني .
.
حتى قذفوه على ظهر السفينة وانطلقت به عبر أمواج البحار، ولكنه أضرب عن الطعام والشراب، حتى نحل جسمه، واصفر وجهه، ومرت عليه أسابيع حتى هزل، وفي ليلة من الليالي جاءه ربان السفينة، قال: ويحك! لا صلاة ولا أذان، ولا طعام ولا شراب، أي بشر أنت؟ قال: إنك لا تدري ماذا حدث لي؟ إن قلبي هناك مع البغايا ليس عندكم، وانظر ماذا حدث لي، فكشف عن عورته فرأى أعضاءه التناسلية يتناثر منها الدود، عند ذلك تركه وانصرف وقد أصابه الغثيان مما رأى، وفي جوف الليل ووقت السحر، وقت استغفار العاصين والعباد، سمعوا صرخة عظيمة، فتقافز البحارة من نومهم، وإذا هو يعض على خشب السفينة وقد فاضت روحه ومات أسوأ ميتة، فلفوه ورموه في البحر لكي تأكل بقيته أسماك البحار، يا لها من نهاية تعيسة! لمن انقلب قلبه ذلك الانقلاب الرهيب، نسأل الله سبحانه وتعالى العافية.
من أجل ذلك كان الله في القرآن يوصينا جميعاً بأن ندعو بهذا الدعاء العظيم الرباني:
ونحن نأخذ العبرة من حادثة البقرة في سورة البقرة، بنو إسرائيل قتلة لا يعرفون السلام، يقتلون الأنبياء والأبرياء، وفي يوم من الأيام قتلوا نفساً بريئة، ثم علموا القاتل، فادارءوا فيها، وخبأ كل فرد منهم الجريمة في قلبه، كما يفعلون الآن مع يهود العرب في مؤتمراتهم، يخططون لإبادة الشعب الفلسطيني، ويضمرون ذلك في قلوبهم، ويرفعون مشاريع وقرارات خلاف الواقع الذي في قلوبهم، من أجل ذلك لم يأت يوم تتقدم فيه القضية الفلسطينية، أو يكون فيها حلاً، أو يكون فيها سلاماً؛ لأن الله يعلم ما انطوت عليه القلوب من خبث.
أحبتي في الله: لما ادارءوا في قتل هذا البريء، ماذا فعل الله بهم؟ أمرهم أن يذبحوا بقرة، فأخذوا يستهزئون بموسى عليه السلام، حتى شدد الله عليهم فذبحوها، ثم قال:
وهكذا -أحبتي في الله- تراهم دائماً وأبداً، تصل بهم المسألة أن يشربوا في قلوبهم العجل، عجل ضخم دخل في أنياط وشعيرات القلوب، عقوبة من الله رب العالمين.
-->سحر النساااااااااااااااااء